الجمعة 7 نوفمبر 2025 | 09:06 م

تمدد صامت.. كيف تتسلل السلفية في مصر عبر “الأكاديميات الافتراضية”؟


 في مشهدٍ جديد يعكس تطور أدوات الدعوة السلفية في مصر، كشف الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة ماتر فرغلي عن شبكة واسعة من الأكاديميات والمعاهد السلفية التي باتت تلعب دورًا خفيًا وفعّالًا في نشر الفكر السلفي بعيدًا عن سلطة الدولة، مستغلة الفضاءين الواقعي والرقمي لتكوين جيل جديد من المتأثرين بأفكارها.

ويؤكد فرغلي أن هذه الأكاديميات لا تعمل تحت المظلة الرسمية، بل تمارس نشاطها ضمن ما يُعرف بـ"التعليم الموازي"، عبر مقرات محدودة على الأرض، ومنصات رقمية واسعة الانتشار مثل تليجرام ويوتيوب وفيسبوك، حيث تقدّم دورات ودروسًا شرعية بمقررات خاصة تمتد بين عام وخمسة أعوام، وتمنح شهادات في “الفقه” و”العقيدة” و”الحديث” و”التفسير”، بعضها يرتبط بجامعات خارجية، مثل الجامعة الإسلامية العالمية في باكستان.

أبرز هذه الكيانات، وفق التقرير أكاديمية الفرقان للثقافة الإسلامية، التي تُعد الأكثر نشاطًا وتأثيرًا، وتمتلك فروعًا في الإسكندرية وطنطا، وتشرف عليها قيادات معروفة من الدعوة السلفية أبرزهم علاء حامد.

وتقدّم الأكاديمية “برامجًا علمية مبسطة”، كما تصف نفسها، لتأهيل الطلاب على ما تسميه “الفهم الصحيح للعقيدة”، ويدرس فيها عدد من الأسماء السلفية المعروفة مثل هشام عزمي، باسم عبد رب الرسول، زين العابدين كامل، وعمرو الجزار.
يتابعها على مواقع التواصل أكثر من 75 ألف شخص، فيما يتجاوز مشتركو قناتها على يوتيوب 11 ألف متابع، ما يعكس حجم الانتشار الرقمي غير المسبوق.

وفي مدينة طنطا، ينشط فرع آخر من معهد الفرقان، يعلن صراحة أنه “يُعدّ الدعاة على منهج السلف الصالح”، ويضم هيئة تدريسية من مشايخ الدعوة السلفية، ومدة الدراسة فيه تمتد لأربع سنوات بنظامي الانتساب والانتظام، للرجال والنساء على السواء.

أما أكاديمية تبصرة للعلوم الإسلامية، فهي نموذج افتراضي بالكامل، يديرها محمد عبد المنعم، وتقدّم 13 مادة علمية، بينها “تعزيز اليقين” و”القضايا الفكرية والدعوية”، كما تحثّ طلابها على دراسة كتب رموز الدعوة السلفية مثل ياسر برهامي وعمر الأشقر وأحمد فريد. ويتابعها على فيسبوك أكثر من 34 ألف متابع.

وفي محافظة كفر الشيخ، ظهر معهد شيخ الإسلام العلمي داخل مسجد أنس بن مالك، قبل أن يُغلق لعدم حصوله على تصاريح رسمية، لينتقل إلى التعليم الإلكتروني، ويقدّم دراسة تمتد إلى سبع سنوات تشمل اثني عشر علمًا من علوم الشريعة.

وتتسع خريطة هذه الكيانات لتشمل أكاديميات أخرى مثل:

الأكاديمية الإسلامية العلمية (تأسست 2012) وتتبنّى التعليم الشرعي عن بُعد، يديرها أسامة زيدان ومصطفى سلطان.

أكاديمية الجهني للعلوم الشرعية التي يشرف عليها خالد الجهني، وتدير مجموعة معاهد رقمية مثل “بيان”، “بداية”، “عطاء” و“النصرة”.

أكاديمية المنهاج التي تقدّم دراستها مجانًا بنسبة 100%، وتوفر كتبًا ومناهج مطبوعة بصيغة PDF.

أكاديمية كادر التابعة لحزب النور، والتي تمنح شهادات تعادل الماجستير والدكتوراه في الدراسات الشرعية والسياسية.

مركز أسس البحثي، الذي أنتج أكثر من 20 كتابًا في الفكر والتاريخ والسياسة خلال عام 2024.


ويشير فرغلي إلى أن هذه الأكاديميات تعتمد على نجوم الدعوة السلفية في جذب الدارسين الجدد، عبر بثّ الدروس بأسماء مشايخ مؤثرين في الأوساط الدعوية، مما يمنحها مصداقية داخل التيار المحافظ.

ويحذر الباحث من أن هذا التمدد الهادئ يمثل تحديًا خفيًا للدولة والمجتمع، إذ يُعيد إنتاج الفكر السلفي في قالب أكاديمي “مقبول” ظاهريًا، لكنه في جوهره يكرّس عزلة فكرية عن الخطاب الديني الوسطي الذي تتبناه المؤسسات الرسمية، مؤكداً أن السلفيين لم يعودوا يكتفون بالمنابر التقليدية، بل أسسوا جامعات رقمية تبث أفكارهم من خلف الشاشات.

استطلاع راى

هل ترى أن دور الأحزاب السياسية في مصر يعكس طموحات الشارع ويسهم في حل المشكلات اليومية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5380 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image